175
۲ - النوبة الثانیة
قوله: أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ اى تصبّون فى الارحام من النطف یقال امنى الرجل یمنى لا غیر و منیت الشیء اذا قضیته و سمى المنى منیا لان الخلق منه یقضى و تقول مذى الرجل یمذى و امذى یمذى لغتان: و اما الودى فلا اشتقاق منه و هو عند ابى عبیدة بالدال غیر المعجمة و عند الماستوى بالذال المعجمة قال و بالدال غیر المعجمة هو غرس النخل. احتجّ اللَّه علیهم بابتداء الخلق على صحة البعث فقال أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ اى انتم تخلقون ما تُمْنُونَ بشرا، أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ و قد کانوا مقرّین بان اللَّه خالقهم.
نَحْنُ قَدَّرْنا، قرأ ابن کثیر بتخفیف الدال و الباقون بتشدیدها. و هما لغتان. التقدیر: ترتیب الشیء على مقدار و الموت یجرى بین الخلق على مقدار ما یقتضیه علمه و حکمه فسوّى بینهم و جعل اهل السماء و الارض و الشریف و الوضیع فیه واحدا و قیل قَدَّرْنا بَیْنَکُمُ الْمَوْتَ، بان کتبناه على مقدار لا زیادة فیه و لا نقصان فمنهم من یموت صغیرا و منهم من یموت کبیرا، وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ لا یسبقنا احد الى اماتتکم قبل الوقت.
عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَکُمْ على بمعنى اللام و هو متصل بقوله: قَدَّرْنا.
.. وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ اعتراض و المعنى: قدّرنا بینکم الموت، لنبدّل امثالکم و قیل السّبق بمعنى الغلبة و عَلى أَنْ نُبَدِّلَ متصل بالغلبة، یعنى و ما نحن بمغلوبین عاجزین عن اهلاککم و ابدالکم بامثالکم. هذا کقوله تعالى: إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْکُمْ وَ یَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِیدٍ. وَ نُنْشِئَکُمْ فِی ما لا تَعْلَمُونَ اى لا یعیبنا احد لو أردنا ان ننشئکم فى خلق آخر مما لا تعلمونه من اعادتکم فى الوقت الذى اریده و على الوجه الذى اریده.
و قیل نُنْشِئَکُمْ فِی ما لا تَعْلَمُونَ اى ان اردنا ان نجعل منکم القردة و الخنازیر لم نسبق و لا فاتنا ذلک. و قیل معناه نحن قادرون على احیائکم و انشائکم ثانیا و ان کنتم لا تعلمون النشأة الثانیة فلقد علمتم النشأة الاولى کیف کانت فى بطون الامهات نطفة ثم علقة ثم مضغة الى تمام الخلقة و لیست الأخرى کذلک فَلَوْ لا تَذَکَّرُونَ فتعلمون انى قادر على اعادتکم کما قدرت على ابدائکم و قیل النشأة الاولى خلق آدم من طین.
أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ اى تثیرون الارض و تلقون فیها البذر.
أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ، تنبتونه، أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ المنبتون، و الحرث فعل العبد و الزرع فعل اللَّه وحده و لهذا
قال النبى (ص) لا یقولنّ احدکم زرعت و لیقل حرثت، و قد سمّى الحارث زارعا على انه فعل اسباب الزرع و الانبات.
لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً اى ابطلناه حتى یکون متحطما اى تبنا لا حب فیه و لا قمح اى جعلناه یابسا بعد خضرته بآفة تصیبه حتّى لا یکون فیه الحب، فَظَلْتُمْ تَفَکَّهُونَ اى صرتم تتعجبون لهلاکه و یبسه بعد خضرته و قیل تفکّهون اى تندمون على نفقاتکم کقوله: فَأَصْبَحَ یُقَلِّبُ کَفَّیْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِیها. و قال الحسن تندمون على ما سلف منکم من المعصیة التی اوجبت تلک العقوبة.
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ قرأ ابو بکر عن عاصم «اءنا» بهمزتین، و قرء الآخرون على الخبر و مجاز الایة: فَظَلْتُمْ تَفَکَّهُونَ و تقولون إِنَّا لَمُغْرَمُونَ اى غرمنا اموالنا و صارما انفقنا فى حراثتنا غرما علینا و المغرم الذى ذهب ماله بغیر عوض.
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ممنوعون عن الرزق اى حرمنا ما کنّا نطلبه من الریع و الزرع.
روى عن انس بن مالک قال مر رسول اللَّه بارض الانصار فقال ما یمنعکم من الحرث قالوا الجدوبة قال: فلا تفعلوا فان اللَّه عز و جل یقول انا الزارع ان شئت زرعت بالماء و ان شئت زرعت بالریح و ان شئت زرعت بالبذر. ثم تلا رسول اللَّه (ص): أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ. أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ.
أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ یعنى الماء العذب.
أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ و هو السحاب واحدتها مزنة، أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ بقدرتنا.
لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا شدید الملوحة و قیل مرّا و المرّ الذى اذا شرب احرق الخلق، من تاججت النار اذا استعرت فَلَوْ لا تَشْکُرُونَ اى هلّا تشکرون على عظیم منتى علیکم حیث لم اجعل ذلک اجاجا.
أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ اى تقدحون و تستخرجون من زندکم یقال ورى الزند یرى وریا فهو وار اذا انقدحت و اوریت الزند اى قدحتها.
أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التی تقدح منها النار و هى المرخ و العفار، أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ الخالقون.
و فى المثل: فى کل شجر نار و استمجد المرخ و العفار.
یقال یثقب الراعى عود احدهما و یدخل رأس الآخر فى الثقبة فیولد النار.
نَحْنُ جَعَلْناها تَذْکِرَةً، اى جعلنا نار الدنیا تذکرة للنار الکبرى اذا رآها الرائی ذکر جهنّم. قال مقاتل و مجاهد جَعَلْناها تَذْکِرَةً، اى موعظة یتعظ المؤمن. و فى الخبر عن رسول اللَّه (ص) قال: نار بنى آدم التی یوقدون جزء من سبعین جزءا من نار جهنم. قالوا یا رسول اللَّه: ان کانت لکافیة قال: فانها فضلت علیها بتسعة و ستین جزءا.
و قیل معناه جعلنا النعم التی تقدمت تذکرة لحق اللَّه و ما یجب من طاعته وَ مَتاعاً، اى بلعة و منفعة لِلْمُقْوِینَ اى المسافرین الذین نزلوا بالقواء و القى و هى الارض الخالیة البعیدة من العمران و الاهلین ففى النار اعظم نفع للمسافر اذا نزل بالارض القفر، یخبز بها خبزه و یصلح طعامه و یستدفئ بها فى حال برده فحاجة المسافر الیها اعظم من حاجة المقیم.
ثم ان اللَّه تعالى اجرى السعادة باظهار النار و خلقها اذا اورى الزند لانه لو احتاج المسافر الى حملها مع نفسه لشق علیه ذلک ففى هذا اعظم عبرة و اعظم حجة.
و قیل المقوى الذى نفد زاده من قولهم اقوت الدار اذا خلت من ساکنیها.
و قیل المقوى المسافر الذى معه دابّة قویة.
بدأ اللَّه تعالى بذکر خَلَقَ الْإِنْسانَ فقال أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ لان النعمة فیه سابقة على جمیع النعم ثم بما فیه قوام الناس و هو الحبّ فقال أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ ثم بالماء الذى یعجن به و یشرب علیه، فقال أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ ثم بالنار التی یخبز بها، فقال أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ فصار بمجموع الثلاثة طعاما لا یستغنى عنه الجسد ما دام حیا و ذکر عقیب کل واحد ما یأتى علیه و یفسده.
فقال فى الاول: نَحْنُ قَدَّرْنا بَیْنَکُمُ الْمَوْتَ.
و فى الثانى: لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً. و فى الثالث لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً و لم یقل فى الرابعة ما یفسدها بل قال: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْکِرَةً یتّعظون بها، وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِینَ المسافرین ینتفعون بها.
ثم قال فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّکَ الْعَظِیمِ امر بتنزیه اللَّه تعالى و تقدّس عمّا لا یلیق بوصفه بعد ما ذکر ما یدل وحدانیّته من عظیم آیاته، و قیل معناه قل سبحان ربى العظیم.
و جاء مرفوعا انّه لما نزلت هذه الآیة.
قال علیه السلام اجعلوها فى رکوعکم و لما نزلت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الْأَعْلَى، قال اجعلوها فى سجودکم.
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ معناه فاقسم و دخلت لا صلة للتوکید و قیل لا نفى و معناه: لیس الامر کما قال الکفار فى القرآن انه سحر و شعر و کهانة ثم ابتدأ فقال أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.
قرأ حمزة و الکسائى: بموقع النجوم على التوحید. و قرأ الباقون: بِمَواقِعِ النُّجُومِ على الجمع.
قال ابن عباس: اراد نجوم القرآن و سوره فانه کان ینزل على رسول اللَّه (ص) متفرّقا نجوما فکانّه اقسم بنزول القرآن نجوما على رسول اللَّه (ص) و قیل اقسم بقلب محمد (ص) لانه محل وقوع نجوم القرآن و قیل مواقع النجوم قلوب العلماء و قیل هى مغارب کواکب السماء و قیل منازلها، فکانه اقسم بقدرته على مساقطها و مجاریها فى افلاکها، و قیل هى الارض تسقط علیها الکواکب و تتناثر لیوم القیامة و یحتمل ان النجوم نجوم الرجوم و زمانه لانها حدثت عند مولده (ص) و بعثته.
وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ اى القسم، بنجوم القرآن قسم عظیم القدر لو تعلمون.
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ کَرِیمٌ کثیر الخیر عام المنافع تنال ببرکته الدنیا و الآخرة و الرؤیة و النعیم و قیل کَرِیمٌ اى عزیز لانه کلام اللَّه غیر مخلوق لم یلحقه التکوین و قیل کریم یکرم حافظه و یکرم قارئه، و قیل کریم یکرمه المؤمنون و الملائکة المقرّبون و قیل کریم لانّ یسره یغلب عسره.
فِی کِتابٍ مَکْنُونٍ اى محفوظ مصون محروس عند اللَّه فى اللوح المحفوظ محفوظ من الشیاطین و قیل فِی کِتابٍ مَکْنُونٍ اى محفوظ فى المصاحف عن التبدیل فلا یغیّر منه حرف و لا لفظ کقوله: إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.
لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال قتاده هى المصاحف التی فى السماء بایدى الملائکة السفرة الکرام البررة لا یمسّها الّا ملک مطهّر، اما المصاحف فى الدنیا فیمسّه الکافر النجس و المنافق الرجس و قیل ظاهر الآیة نفى و معناه نهى اى لا ینبغى ان یمسّه جنب او حائض او محدث و هو قول عطاء و طاووس و اکثر اهل العلم و به قال مالک و الشافعى و قال ابو حنیفة یجور للمحدث و الجنب حمل المصحف و مسّه و الاول قول اکثر العلماء لما
روى عن عبد اللَّه بن ابى بکر بن محمد بن عمرو بن حزم ان فى الکتاب الذى کتبه رسول اللَّه (ص) لعمرو بن حزم ان لا یمسّ القرآن الا طاهر
و المراد بالقرآن المصحف سماه قرآنا على قرب الجوار و الاتساع کما
روى ان رسول اللَّه (ص) نهى ان یسافر بالقرآن، الى ارض العدو و اراد به المصحف.
و روى سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن ابیه ان النبى (ص) قال لا تمسّ القرآن الا و انت طاهر. و لانه اجماع الصحابه، و سئل على (ع) أ یمسّ المحدث المصحف؟
فقال لا.
و قال عطاء: لا یقلّب الورق من المصحف الا المتوضّى.
و اما الصبیان فلاصحابنا فیه وجهان: احدهما انهم یمنعون منه کالبالغین.
و الثانى انهم لا یمنعون لمعنیین: احدهما ان الصبى لو منع ذلک ادّى الى ان لا یتعلّم القرآن و لا یحفظه لان وقت تعلّمه و حفظه حال الصغر.
و الثانى ان الصبى و ان کان له طهارة فلیست بکاملة لان النیّة لا تصح منه فاذا جاز ان یحمله على غیر طهر کامل جاز ان یحمله محدثا و اللَّه اعلم.
تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ اى القرآن من عند رب العالمین. سمّى المنزل تنزیلا على اتساع اللغة کالقدر للمقدور و الخلق للمخلوق.
أَ فَبِهذَا الْحَدِیثِ، اى بهذا القرآن، سمّاه حدیثا لان فیه ذکر حوادث الامور، أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ اى مکذّبون کافرون و المدهن المنافق الذى یجرى فى الظاهر على خلاف ما هو فى الباطن. ادهن و داهن اذا اسرّ خلاف ما اظهر. و قیل المدهن المنافق الذى یلین جانبه لیخفى کفره و اصله من الدهن.
وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَکُمْ أَنَّکُمْ تُکَذِّبُونَ اى تجعلون شکر رزقکم ان تکذّبوا رازقکم، نزلت فى المستمطرین بالانواء و ذلک انهم کانوا یقولون اذا مطروا بعد الجدوبة امطرنا بنوء کذا و لا یرون ذلک من قبل اللَّه عز و جل، و روى عن ابن عباس: ان النبى (ص) خرج فى بعض اسفاره فعطش اصحابه و احتاجوا الى الماء. فقال (ص) أ رأیتم ان دعوت لکم، فسقیتم فلعلکم تقولون سقینا هذا المطر بنوء کذا، فقالوا یا رسول اللَّه ما هذا بحین الانواء ثم صلّى رکعتین و دعا فهاجت ریح هیّمت سحابة فمطروا حتى سالت الاودیة و ملئوا الأسقیة، ثم رکب النبى علیه افضل الصلوات و اکمل التحیات، فمرّ برجل یغترف بقدح له و یقول سقینا بنوء کذا و لم یقل هذا من رزق اللَّه فانزل اللَّه سبحانه تعالى و تقدّس وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَکُمْ أَنَّکُمْ تُکَذِّبُونَ.
و کان علیه الصلاة و السلام یقول لو حبس اللَّه سبحانه القطر عن امّتى عشر سنین ثم انزل لاصبحت طائفة منهم یقولون: سقینا بنوء کذا.
و عن زید بن خالد الجهنى قال: صلّى لنا رسول اللَّه (ص) صلاة الصبح بالحدیبیة فى اثر سماء کان من اللیل فلما انصرف اقبل على الناس، فقال هل تدرون ما ذا قال ربکم قالوا اللَّه و رسوله اعلم قال اصبح من عبادى مؤمن بى و کافر فاما من قال مطرنا بفضل اللَّه و رسوله و برحمته فذلک مؤمن بى کافر بالکوکب و اما من قال مطرنا بنوء کذا و کذا، فذلک کافر بى مؤمن بالکوکب.
و عن ابى هریرة عن رسول اللَّه (ص) قال: ما انزل اللَّه من السماء من برکة الا اصبح فریق من الناس بها کافرین ینزل اللَّه الغیث فیقولون بکوکب کذا و کذا.
و قیل وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَکُمْ اى حظکم و نصیبکم من القرآن، أَنَّکُمْ تُکَذِّبُونَ.
قال الحسن خسر عبد لا یکون حظه من کتاب اللَّه الا التکذیب به. و یروى انه (ص) قال: انّ اخوف ما اخاف على امّتى ثلث: حیف الأئمة و تکذیب بالقدر و ایمان بالنجوم ثم حذّرهم فقال: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ الحلقوم مجرى النفس و البلعوم مجرى الطعام.
یقول تعالى فهلا اذا بلغت الحلقوم عند النزع وَ أَنْتُمْ یا اقرباء المیت الذین حوله تَنْظُرُونَ الیه متى تخرج نفسه و قیل تنظرون الى امرى و سلطانى لا یمکنکم الدفع و لا تملکون شیئا و قیل و انتم تنظرون ان یحلّ بکم ما حلّ به.
و فى الخبر لا یموت احد حتى یعلم أ هو من اهل الجنة ام من اهل النار.
وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْکُمْ یعنى بالقدرة و العلم، وَ لکِنْ لا تُبْصِرُونَ قربنا منه. و قیل نحن اقرب الیه و اقدر منکم علیه، وَ لکِنْ لا تُبْصِرُونَ قربى و لا تعرفون قدرتى.
فَلَوْ لا إِنْ کُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ تَرْجِعُونَها إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ اى هلا ان کنتم غیر مجزیین، محاسبین تَرْجِعُونَها، اى تردّون روح هذا المیت الى جسده، إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ فى قولکم: لَوْ کانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا.
و قیل إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ فى ان لا بعث. و قوله: تَرْجِعُونَها، جواب لو لا الاولى و الثانیة و مثل هذا جائز فى کلامهم کقوله: فَإِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ مِنِّی هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدایَ فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ اجیبا بجواب واحد و تقدیر الآیة: ان کان الامر کما تقولون انه لا بعث و لا حساب و لا اله یجازى فهلا تردّون نفس من یعزّ علیکم اذا بلغت الحلقوم و اذ لم یمکنکم ذلک فاعلموا ان الامر الى غیرکم و هو اللَّه عز و جل فآمنوا.
ثم ذکر طبقات الخلق عند الموت و بیّن درجاتهم فقال: فَأَمَّا إِنْ کانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ هذا رجوع الى التقسیم فى اول السورة فالمقرّبون هم السابقون و هم اهل جنة عدن.
فَرَوْحٌ، قرأ یعقوب: فروح بضم الراء و الباقون بفتحها. فمن قرأ بالضم فمعناه الحیاة الدائمة لهم.
و قال الحسن: معناه تخرج روحه فى الریحان اى یشمّ عند الموت ریحانة فتخرج بها روحه.
و من قرأ بالفتح فمعناه فله روح اى راحة و فرح عند الموت.
و قیل الروح الاستراحة و الریحان الرزق و قیل الروح فى القبر و الریحان فى الجنة معدّلهم و قیل الروح النجاة من النار و الریحان دخول دار القرار.
و قال الزجاج: الریحان هاهنا التحیة لاهل جنة عدن.
وَ أَمَّا إِنْ کانَ، المتوفى، مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ فَسَلامٌ لَکَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ اى سلامة لک یا محمد منهم فلا تهتم لهم فانهم سلموا من عذاب اللَّه عز و جل و انک ترى فیهم ما تحب من السلامة.
و قیل فَسَلامٌ لَکَ، اى امن لک من شقاوتهم.
آوردهاند در بعضى کتب که عایشه از حضرت سلطان کونین و امام الثقلین النبى الهاشمى اعنى النبى الامى العربى محمد المصطفى (ص) پرسید که یا رسول اللَّه از آن رازها که شب معراج رفت و حضرت احدیت جل جلاله و عم نواله و عظم شأنه و عزت کبریاؤه در کلام قدیم میفرماید که فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى چه بود؟ اگر لختى که گفتنى است با من گویى.
رسول هاشمى و نبىّ مطلبى علیه افضل الصلوات و اکمل التحیات فرمود: یا عایشه گفتم خداوندا امّتهاى گذشته چون سر از اطاعت بگردانیدند قومى را سنگ باران فرمودى، قومى را بزمین فرو بردى، قومى را صورت بگردانیدى، خداوندا با امت من چه خواهى فرمود و ایشان را حکم چه راندهاى؟
حضرت عزت جل و علا فرمود فَسَلامٌ لَکَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ.
تو در کار ایشان همه سلامت و امن و عافیتدان و دل خویش از ایشان بسلامت دار و ایمن باش.
اگر گذشتگان را سنگباران فرستادم، امت تو را رحمت باران فرستادم و فرستم که من در ازل فرمودهام و حکم رانده که: عَسى رَبُّکُمْ أَنْ یَرْحَمَکُمْ کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ.
و اگر از ایشان قومى را بزمین فرو بردم اینان را بآسمان بر آرم و بجنّات مأوى رسانم که من در ازل فرمودهام: فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا.
و اگر ایشان را صورت خلقت بگردانیدم، اینان را صورت عمل بگردانم، سیّئات را حسنات کنم. که من در ازل فرمودهام.
فَأُوْلئِکَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.
یا محمد و اگر نه آن بودى که من دوست دارم که با امت تو سخن گویم و عتاب کنم، خود با ایشان من حساب نکردى، لو لا انى احب معاتبتهم لما حاسبتهم.
و قیل قوله: فَسَلامٌ لَکَ، هذا خطاب لکل من مات منهم یقول له الملائکة یبشرونه عند قبض روحه سلام لک انک من اصحاب الیمین و قیل یبشرونه عند الخروج من القبر و قیل هذا من المقلوب اى سلام لاصحاب الیمین منک اى انک تلقاهم فى الجنة.
وَ أَمَّا إِنْ کانَ مِنَ الْمُکَذِّبِینَ، بالبعث، الضَّالِّینَ عن الهدى و هم اصحاب المشأمة فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ اى له نزل من حمیم اى غذاؤهم و معاشهم و نصیبهم من جهنم ماء حار.
وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ اى اقامة فى جحیم و هو ما عظم من النار.
إِنَّ هذا الذى ذکرت لهؤلاء الفرق الثلث و قیل کل ما ذکرنا فى هذه السورة، لَهُوَ حَقُّ الْیَقِینِ اى هو یقین حق الیقین، اى الخبر الذى لا شک فیه اضاف الى نفسه کیوم القیامة و مسجد الجامع.
و قیل التقدیر: حق الامر الیقین. و الیقین علم یحصل به ثلج الصدر و یسمى برد الیقین و قیل هو علم یحصل بالدلیل.
و قال قتادة ان اللَّه عز و جل: لیس تارکا احدا من الناس حتى یقفه على الیقین من هذا القرآن. فاما المؤمن فایقن فى الدنیا فنفعه ذلک یوم القیامة و اما الکافر فایقن یوم القیامه حین لا ینفعه.
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّکَ الْعَظِیمِ فیه دلالة على ان الاسم هو المسمّى لانه لا یجوز ان یکون المسبّح غیر اللَّه و المعنى اذکره باسمائه العلى و صفاته الحسنى و قیل نزّه اللَّه عما نسب الیه من السوء.
روى صلة بن زفر عن حذیفة: انه صلّى مع النبى (ص)، فکان یقول فى رکوعه: «سبحان ربى العظیم» و فى سجوده: «سبحان ربى الاعلى». و ما اتى على آیة رحمة الا وقف و سأل و ما اتى على آیة عذاب الا وقف و تعوّذ.
و عن ابى هریرة قال قال رسول اللَّه ص: کلمتان خفیفتان على اللسان ثقیلتان فى المیزان حبیبتان الى الرحمن: سبحان اللَّه و بحمده، سبحان اللَّه العظیم.
و عن عبد اللَّه بن مسعود قال سمعت رسول اللَّه (ص): من قرأ سورة الواقعة کل لیلة لم تصبه فاقة ابدا.