124
النوبة الثانیة
این سورة الجنّ بیست و هشت آیت است، دویست و سى و پنج کلمت و هشتصد و هفتاد حرف. جمله به مکه فرود آمد باجماع مفسّران. و درین سوره از ناسخ و منسوخ چیزى نیست. و در فضیلت سوره ابى کعب روایت کند از مصطفى (ص)، گفتا: «هر که سورة الجنّ برخواند اللَّه تعالى او را ثواب آزاد کردن بردگان دهد، بعدد هر پریى که به محمد بگروید. و بعدد هر پرى که بنگروید باو.
«قل» یا محمد، اخبر قومک ما لیس لهم به علم ثمّ بیّن. فقال: أُوحِیَ إِلَیَّ اى اخبرت بالوحى من اللَّه أَنَّهُ اسْتَمَعَ القرآن نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ «الجنّ» جیل رقاق الاجسام، خفیّة، خلق من النّار على صورة تخالف صورة الملک و الانس، موصوف بالعقل کالانس و الملک. و لا یظهرون للانس، و لا یکلّمونهم الّا صاحب معجزة. بل یوسوسون سائر النّاس و هم اولاد ابلیس فی قول بعضهم، منهم مؤمن و منهم کافر. و الکافر منهم یسمّى شیطانا. و قال ابن عباس: الجنّ ولد الجانّ و لیسوا بشیاطین و الشّیاطین اولاد ابلیس. و قد سبق الکلام فیهم فی غیر موضع. قوله: نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ قال ابن عباس: کانوا سبعة، و قیل: کانوا تسعة من جنّ نصیبین من ارض الموصل من ملوکهم. و قیل: من جنّ الیمن. و قیل: کانوا هودا. و قیل: کانوا مشرکین. و قیل: سبب استماع هؤلاء فیما ذکر انّ الشّیاطین قبل مبعث النّبی (ص) اتّخذت من السّماء مقاعد للسّمع فاذا سمعوا کلمة زادوا فیها تسعا فکانوا یلقون الى اولیائهم من الانس فلمّا بعث النّبی (ص) منعوا مقاعدهم و رموا بالشّهب فمن استمع بعد مبعثه (ص) وجد له شهابا رصدا فاحرق فلمّا منعوا من ذلک و حیل بینهم و بین خبر السّماء بارسال الشّهب علیهم اجتمعوا و قالوا لابلیس ذلک و قالوا ما حال بیننا و بین خبر السّماء الّا شیء حدث فاضربوا مشارق الارض و مغاربها فانطلقوا یطلبون ذلک حتّى توجّهوا نحو تهامة فوجدوا رسول اللَّه (ص) مع نفر من اصحابه ببطن النّخل و هو واد بین جبلین یقال له: سوق عکاظ فوجدوه یصلّى باصحابه صلاة الصّبح فاستمعوا لقراءته و قالوا: هذا الّذى حال بیننا و بین خبر السّماء. و قیل: لم یزالوا یدنون حتّى کادُوا یَکُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً. ثمّ رجعوا الى قومهم و قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً مباینا لکلام الخلق فی النّظم و المعنى لا یقدر احد على الإتیان بمثله. و العجب حکایة عن غایة استنکارا او استحسانا. قال عیزار بن حریث: کنت عند عبد اللَّه بن مسعود فاتاه رجل فقال له: کنّا فی سفر فاذا نحن بحیّة جریحة تشحّط فی دمها فقطع رجل منّا قطعة من عمامته فلفّها فیها فدفنها. فلمّا امسینا و نزلنا اتانا امرأتان من احسن نساء الجنّ فقالتا: ایّکم صاحب عمرو؟ قلنا: اىّ عمرو؟ قالتا: الحیّة الّتى دفنتموها فاشرنا لهما الى صاحبها. قالتا: انّه کان آخر من بقى ممّن استمع القرآن من رسول اللَّه (ص). کان بین کافرى الجنّ و مسلمیهم قتال فقتل فیهم. فان کنتم اردتم به الدّنیا ثوبناکم. فقلنا: لا انّما فعلنا ذلک للَّه. فقالتا: احسنتم و ذهبتا. یقال: اسم الّذى لفّ الحیّة صفوان بن معطل المرادى صاحب قصّة الافک و الجنّى عمرو بن جابر.
یَهْدِی إِلَى الرُّشْدِ اى الى الصّواب. و هو التّوحید للَّه و الایمان به و برسوله و خلع الانداد للَّه فَآمَنَّا بِهِ صدقنا به وَ لَنْ نُشْرِکَ بِرَبِّنا أَحَداً یعنى: ابلیس لانّهم لم یرجعوا الى ابلیس بعد الایمان و استماع القرآن. وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا اى عظمة ربّنا، جلال ربّنا، غنى ربّنا عن الصّاحبة و الولد. امر ربّنا، ملک ربّنا، و سلطانه قدرة ربّنا، ذکر ربّنا هذا کلّه اقوال المفسّرین و الجدّ: العظمة و منه قول انس بن مالک: کان الرّجل اذا قرأ البقرة و آل عمران جدّ فی اعیننا، اى عظم، و الجدّ: الغنى. و فی الخبر: «لا ینفع ذا الجدّ منک الجدّ»، اى لا ینفع ذا الغنى منک غناه، انّما ینفعه طاعتک و العمل بما یرضیک و منه
قوله صلّى اللَّه علیه و سلّم: «وقفت على باب الجنّة فاذا اکثر من یدخلها الفقراء. و اذا اصحاب الجدّ محبوسون»
معناه: و اذا اصحاب الغنى فی الدّنیا محبوسون. مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً اى تعالى جلال ربّنا و عظمته عن اتّخاذ زوجة او ولد.
وَ أَنَّهُ کانَ یَقُولُ اختلفوا فی هذا الالفات فمن نصبها کانت مردودة الى الوحى و هو قراءة اهل الشام و الکوفة و من خفضها کانت حکایة عن الجنّ و هو قراءة الآخرین وَ أَنَّهُ کانَ یَقُولُ سَفِیهُنا هذا السّفیه ابلیس عَلَى اللَّهِ شَطَطاً اى جورا و کذبا، یعنى کلمة الکفر، و قیل: الشّطط: البعید اى یقول ما هو بعید من وصف اللَّه. تقول اشطّ الرّجل اتى بما هو بعید.
وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ قرأ یعقوب: تقول بفتح القاف و تشدید الواو. و التّقوّل، الافتراء و الکذب، اى کنّا نظنّ انّ الکفّار من الفریقین غیر کاذبین فی دعویهم کلمة الکفر و انّ للَّه صاحبة و ولدا حتّى سمعنا القرآن. و هذا اعتذار منهم، اى اتّبعناهم فیما قالوا على ظنّ انّ احدا لا یکذب على اللَّه. فلمّا سمعوا القرآن ایقنوا انّ ابلیس و من تبعه کانوا کاذبین فیما یزعمون، تمّ کلام الجنّ هاهنا.
ثمّ استأنف فقال اللَّه عزّ و جلّ: وَ أَنَّهُ کانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ کان الرّجل فی الجاهلیّة اذا نزل وادیا باللّیل قال: اعوذ بسیّد هذا الوادى من شرّ سفهاء قومه فیبیت فی امن حتّى یصبح. روى عن کردم بن ابى السّائب الانصارى قال: خرجت مع الا بى الى المدینة فی حاجة و ذلک اوّل ما ذکر رسول اللَّه (ص) بمکة فآوانا المبیت الى راعى غنم، فلمّا انتصف النّهار جاء ذئب فاخذ حملا من الغنم، فوثب الرّاعى فقال: یا عامر الوادى جارک فنادى مناد لا نراه یقول: یا سرحان ارسله فاتى الحمل یشتدّ حتى دخل الغنم و لم تصبه کدمة فانزل اللَّه عزّ و جلّ على رسوله (ص) بمکة: وَ أَنَّهُ کانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً اى فزاد الانس الجنّ بذلک تکبّرا و عظمة عند انفسهم و قالوا: انّهم یخافوننا و قد سدّنا الانس و الجنّ فازدادوا بذلک اثما. و قیل: زاد الجنّ الانس رهقا، اى طغیانا و کفرا و جهلا و هلاکا و بعدا عن الحقّ.
وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا هذا ایضا من کلام اللَّه، اى انّ الجنّ حسبوا کما حسبتم ایّها الانس. أَنْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً بعد موته، و قیل: ان له یبعث اللَّه احدا بالرّسالة الى خلقه لیدعوهم الى توحیده کما ظنّ بعض الانس ذلک.
وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ اى طلبنا المصیر الى السّماء لاستراق السّمع و منه الحدیث الّذى ورد انّ رجلا قال لرسول اللَّه (ص): انّ امرأتى لا تدع عنها ید لامس، اى لا تردّ ید طالب حاجة صفرا یشکو تضییعها ماله. قال اهل اللّغة لمست الشّىء و التمست، اى طلبت کما یقال: کسب و اکتسب، و قال الشّاعر:
الام على تبکیه
و المسه فلا اجد
فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِیداً هذا کلام الجنّ بعضهم لبعض، اى طلبنا خبر السّماء فوجدنا ابواب السّماء و طرقها مُلِئَتْ من الملائکة الّذین یحرسون من الاستماع. وَ شُهُباً جمع شهاب و هو المضیء المتوقّد من النّار یرمون بها.
وَ أَنَّا کُنَّا نَقْعُدُ مِنْها اى من السّماء مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ اى مواضع لاستماع الاخبار من السّماء کان لکلّ حىّ من الجنّ باب فی السّماء یستمعون فیه و کانت هذه الشّهب فی الجاهلیّة. فاذا جاء الاسلام شدّدت و امّدت و زید فیها. قال الزهرى: کان یرمى بالنّجوم و ترجم بها الشّیاطین فی الجاهلیّة لکن غلّظ و شدّد امرها حین بعث النّبی (ص) فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ اى یقصدان یسمع من ذلک شیئا یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً اى نجما قد ارصد له یزجره عن الاستماع.
وَ أَنَّا لا نَدْرِی حین منعنا من السّماء. أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ ام هو لاجل خیر اراد اللَّه بهم و اضافوا الخیر الى اللَّه بالتّخصیص تادّبا بادب اولیاء اللَّه و المؤمنین.
حیث لم یضیفوا الى اللَّه بالتّفرید الاکل رفیع من الامور. و قیل: معناه لا ندرى اراد اللَّه رشدا ببعث هذا الرّسول فیرشدهم أَمْ أَرادَ ان یکفروا به فیهلکهم.
وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ اى المؤمنون وَ مِنَّا دُونَ ذلِکَ اى الکافرون.
و قیل: الصَّالِحُونَ اصحاب الخیر و مِنَّا دُونَ ذلِکَ اصحاب الشّرّ کُنَّا طَرائِقَ قِدَداً اى کنّا ذوى مذاهب متفرّقة و ادیان مختلفة. قال الحسن و السدى: الجنّ امثالکم فمنهم قدریّة و مرجئة و رافضة، و یقال: لشریف القوم الطّریقة و الطّریقة المثلى مشایخ البلد. و القدد جمع القدّة و هی الاجناس المختلفة یقال: صار القوم قددا اذا اختلفت حالاتهم و اصلها من القدّ و هو القطع.
وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِی الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً الظّنّ هاهنا بمعنى الیقین، لانّهم وصفوا اللَّه بالقدرة علیهم حیث کانوا. و هذا من دلائل الایمان و المعنى: انّا علمنا و ایقنّا ان لن نسبق اللَّه فی الارض و لن نفوته و لا یمکننا ان نهرب منه ان اردنا الهرب.
وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى یعنى القرآن و دعوة الرّسول الّذى یؤدّى الى الهدى. آمَنَّا بِهِ اى صدّقنا به و لم یبعث اللَّه نبیّا الى الجنّ الّا محمد (ص). و قیل: آمَنَّا بِهِ اى باللّه و تمّ الکلام هاهنا ثمّ قال: فَمَنْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ هذا جوابهم و العدة فَلا یَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً البخس: نقص الاجر، و الرّهق: تحمیل وزر آخر و هذا خبر یراد به النّهى. و قیل: فَلا یَخافُ بَخْساً اى نقصا من حسناته و لا رَهَقاً زیادة فی سیّآته. و قیل: کلّ مکروه یغشى الانسان فهو رهق.
وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ المؤمنون، المستسلمون لامر اللَّه، المخلصون له.
وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ الکافرون، الجائرون، الّذین کتب اللَّه علیهم الشّقاء تمّ الکلام.
فَمَنْ أَسْلَمَ هذا جواب وعدة و تصدیق فَأُولئِکَ تَحَرَّوْا رَشَداً اى قصدوا قصد الخیر و اتّبعوا طریق الرّشد و توجّهوا صوابا من القول و الفعل.
أَمَّا الْقاسِطُونَ الجائرون، العادلون عن الحقّ. قال اهل اللّغة قسط عدل.
عن الحقّ و اقسط عدل الى الحقّ.کانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
توقد بهم النّار یوم القیامة ثمّ رجع الى کفّار مکة فقال: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِیقَةِ اختلفوا فی تأویلها، فقال قوم: لو استقاموا على طریقة الحقّ و الایمان و الهدى فکانوا مؤمنین مطیعین. لَأَسْقَیْناهُمْ ماءً غَدَقاً کثیرا واسعا ینبت زروعهم. قال عمر بن الخطاب: حیث ما کان الماء کان المال، و حیث ما کان المال کانت الفتنة. و المعنى: اعطیناهم مالا کثیرا و عیشا رغیدا و وسّعنا علیهم فی الرّزق و بسطنا لهم فی الدّنیا.
لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ اى لنختبرهم کیف شکرهم فیما خوّلوا و هذا قول سعید بن المسیّب و عطاء بن ابى رباح و الضحاک و مقاتل و الحسن، و دلیل هذا التّأویل قوله عزّ و جلّ: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ و قال تعالى: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَکاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ و قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَکَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیاةً طَیِّبَةً و قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ إِنَّهُ کانَ غَفَّاراً یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْکُمْ مِدْراراً الآیة... و قال الرّبیع بن انس و زید بن اسلم و الکلبى: معنى الآیة و ان لو استقاموا على طریقة الکفر و الضّلالة فکانوا کفّارا کلّهم لاعطیناهم مالا کثیرا و لوسّعنا علیهم لِنَفْتِنَهُمْ فیه عقوبة لهم و استدراجا حتّى یفتتنوا بها فنعذّبهم کما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُکِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ کُلِّ شَیْءٍ الآیة و قال تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ یَکُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَکْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ. و قال تعالى: وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِی الْأَرْضِ و قال تعالى: کَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى قوله: وَ مَنْ یُعْرِضْ عَنْ ذِکْرِ رَبِّهِ اى عن القرآن و التّوحید یَسْلُکْهُ قرأ اهل الکوفة و یعقوب: یَسْلُکْهُ بالیاء و قرأ الآخرون بالنّون اى ندخله.
عَذاباً صَعَداً یعنى: ذا صعد، اى ذا مشقّة لا راحة فیه و لا فرج فیه، اخذ من الصّعداء و هو الشّدّة و نفس الصّعداء هو نفس الکظیم الّذى اشتدّ علیه الغمّ و منه قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً اى عذابا شاقّا. و منه قوله کَأَنَّما یَصَّعَّدُ فِی السَّماءِ اى یصعد صعودا شاقّا و قیل: الصّعد صخرة ملساء فی جهنّم یکلّف صعودها فاذا انتهى الى اعلاها انحدر الى اسفلها نزلت فی الولید بن المغیرة. قوله: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ یعنى: المواضع الّتى بنیت للصّلوة و ذکر اللَّه. فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال قتادة کانت الیهود و النّصارى اذا دخلوا کنا یسهم و بیعهم اشرکوا باللّه فامر اللَّه المؤمنین ان یخلصوا الدّعوة للَّه اذا دخلوا المساجد، و اراد بها المساجد کلّها و قال الحسن اراد بها البقاع کلّها لانّ الارض جعلت کلّها مسجدا للنّبى (ص).
و قال سعید بن جبیر قالت الجنّ للنّبى (ص): کیف لنا ان نأتى المسجد و نشهد معک الصّلاة و نحن ناؤون عنک؟ فنزلت: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ: و یروى عن کعب، قال: انّى لاجد فی التّوراة ان اللَّه تعالى یقول: انّ بیوتى فی الارض المساجد، و انّ المسلم اذا توضّأ فاحسن الوضوء ثمّ اتى المسجد فهو زائر اللَّه تعالى و حقّ على المزور ان یکرم زائره و روى عن سعید بن جبیر ایضا: انّ المراد بالمساجد الاعضاء الّتى یسجد علیها الانسان و هی سبعة: الجبهة، و الیدان، و الرّکبتان، و القدمان، یعنى: هذه الاعضاء الّتى یقع علیها السّجود مخلوقة للَّه فلا تسجدوا علیها لغیره.
قال رسول اللَّه (ص): «امرت ان اسجد على سبعة اعضاء: الجبهة و اشار بیده الیه، و الیدین، و الرّکبتین، و اطراف القدمین، و ان لا اکفّ شعرا و لا ثوبا».
و فی روایة العباس بن عبد المطلب: انّ رسول اللَّه (ص) قال: «اذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، و کفّاه، و رکبتاه، و قدماه»
و هذا الحدیث یدلّ على انّ کلّ عضو من هذه الاعضاء اصل فی السّجود و له حظّ من العبادة و نصیب من الخدمة و الطّاعة. فاذا لم یستعمل بعضها اورث ذلک العضو حرمانا و اوجب فی السّجود نقصانا. و عن نافع عن ابن عمر مرفوعا قال: انّ الیدین تسجدان کما یسجد الوجه، فاذا وضع احدکم وجهه فلیضع یدیه و اذا رفعه فلیرفعهما.
و امّا الحکمة فی ایجاب السّجود على هذه الاعظم انّ هذه الاعضاء الّتى علیها مدار الحرکة، هى المفاصل الّتى تنفتح و تنطبق فی المشى و البطش و اکثر السّعى، و یحصل بها اجتراح السیّئات و ارتکاب الشّهوات فشرع اللَّه تعالى بها السّجود للتّکفیر و محو الذّنب و التّطهیر و اللَّه اعلم. و امّا المساجد ان جعلتها مواضع الصّلاة فواحدها المسجد بکسر الجیم و ان جعلتها الاعضاء فواحدها مسجد بفتح الجیم.
قوله: وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ قرأ نافع و ابو بکر و انّه بکسر همزه، و قرأ الباقون بفتحها. لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ یعنى النّبی (ص) «یدعوه» اى و یعبده، و یقرأ القرآن فی صلوته و ذلک حین کان یصلّى ببطن النّخلة و یقرأ القرآن «کادوا» یعنى: الجنّ.
یَکُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً اى یرکب بعضهم بعضا و یزدحمون حرصا على استماع القرآن و رغبة فی الاسلام، هذا قول الضحاک و روایة عطیة عن ابن عباس قال مکحول: انّ الجنّ بایعوا رسول اللَّه فی هذه اللّیلة و کانوا سبعون الفا و فرغ عن البیعة عند انشقاق الفجر. و قال سعید بن جبیر: هذا من کلام الجنّ الّذین رجعوا الى قومهم اخبروهم: انّا رأینا اصحاب محمد (ص) و یرکعون برکوعه، و یسجدون بسجوده، و کانوا ینثالون علیه مجتمعین. و قال الحسن و قتادة: لمّا قام رسول اللَّه (ص) باظهار الدّعوة تلمّذت الانس و الجنّ علیه لیبطلوا الحقّ الّذى جاءهم به «یُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ یَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ» و ینصر دینه و قوله: «لبدا» جمع لبدة و هی الطّائفة المزدحمة یرکب بعضهم بعضا. و قیل: اللّبدة هى الرّجل من الجراد و منه سمّى اللّبد الّذى یفرش لتراکمه و تلبّد الشّعر اذا تراکم.
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّی قرأ ابو جعفر و عاصم و حمزة: «قل» على الامر، و قرأ الآخرون: «قال» یعنى: رسول اللَّه إِنَّما أَدْعُوا رَبِّی فی صلوتى وَ لا أُشْرِکُ بِهِ أَحَداً من الاوثان فکونوا انتم کذلک.
قُلْ إِنِّی لا أَمْلِکُ لَکُمْ ضَرًّا فی دینکم و لا دنیاکم وَ لا رَشَداً ارشدکم.
و قیل: لا املک لکم ضلالا و لا هدایة لانّى عبد مثلکم بل ذلک الى اللَّه القادر على کلّ شیء.
قُلْ إِنِّی لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ اى لن یمنعنى من عذابه مانع ان عصیته و جاء فی التّفسیر ان جنّیّا من اشراف الجنّ ذا تبع قال: انّ محمدا یرید ان یجیره احد فانا اجیره فانزل اللَّه هذه الآیة. و روى عن ابن مسعود قال: لمّا تقدّم النّبی (ص) الى الجنّ ازدحموا علیه فقال سیّد لهم یقال له وردان: انا ارحلهم عنک، فقال له: لن یجیرنى من اللَّه احد.
قوله: وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً اى مدخلا فی الارض و ملجأ و موئلا.
إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ فذلک الّذى املکه بعون اللَّه و توفیقه. و قوله: «بلاغا» نصب على البدل من قوله: «ملتحدا» و المعنى: لا ینجینى شىء الّا ان ابلّغ عن اللَّه ما ارسلت به و قیل: معناه: لا املک لکم ضرّا و لا رشدا. لکن ابلّغ بلاغا من اللَّه فانّما انا مرسل لا املک الّا ما ملکت. و البلاغ واقع موقع التّبلیغ. قال الفراء: هذا شرط و جزاء لیس باستثناء و ان منفصلة من لا و تقدیره: ان لا بلاغا و المعنى: ان لم ابلّغ فلا مجیر لى وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فیما یدعوه الیه من التّوحید. فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً مقیمین لا یخرجون.
حَتَّى إِذا رَأَوْا ما یُوعَدُونَ فی الآخرة. و قیل: یوم بدر فَسَیَعْلَمُونَ عند ذلک. مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً اهم ام المؤمنون؟ هذا جواب لمشرکى مکه حین استعجلوا بالعذاب و قالوا: هم بالاضافة الینا کالحصاة من جبال، و قیل: هذا جواب قولهم محمد صنبور.
قُلْ إِنْ أَدْرِی اى ما ادرى. أَ قَرِیبٌ ما تُوعَدُونَ من العذاب فی الدّنیا.
و قیل: یوم القیامة أَمْ یَجْعَلُ لَهُ رَبِّی أَمَداً اجلا و غایة تطول مدّتها یعنى: انّ علم وقت العذاب غیب لا یعلمه الّا اللَّه.
عالِمُ الْغَیْبِ رفع على نعت قوله: «رَبِّی». و قیل: هو عالم الغیب، قیل: الغیب ما هو کائن لم یکن، و قیل: هو امر القیامة «فَلا یُظْهِرُ» اى لا یطلع عَلى غَیْبِهِ أَحَداً.
إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ اى الّا رسول قد ارتضیه لعلم بعض الغیب لیکون اخباره عن الغیب معجزة له و قیل: هذا الرّسول هو جبرئیل علیه السّلام «فَإِنَّهُ یَسْلُکُ» الهاء راجعة الى اللَّه عزّ و جلّ، و المعنى: اذا ارسل الوحى الى رسول ارتضاه و اراد ان یطلعه على غیبه فانّه یبعث ملائکة بین یدیه یحفظون الوحى من استماع الشّیاطین. و قیل: یحفظون الرّسول من الشّیاطین. و قوله: مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ اى من امامه و ورائه «رصدا» اى حرسا و قیل: لئلّا یطّلع علیه الکهنة قبل الوصول الى النّبی المرسل الیه فیکون الرّسول هو اوّل من یتکلّم به. و قیل: کان جبرئیل (ع) اذا بعث الى نبىّ من الانبیاء انحدر معه اهل کلّ سماء الى الّتى تلیها و انحدر معه ملائکة السّماء الدّنیا الى الارض فیحیطون به و بالوحى و بالنّبى حتّى یفرغ من ادائه.
لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا قال الزّجاج: لیعلم اللَّه ان رسله قد بلّغوا عنه رسالاته یعنى: اذا بلّغوها علم اللَّه ذلک. و قیل: لیعلم اللَّه انّ الملائکة قد بلّغوا الى الرّسل. و انّ الرّسل قد بلّغوا الى الامم. علم اینجا بمعنى رؤیت است و هذا فی القرآن کثیر کقوله: لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَیْبِ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَخافُهُ بِالْغَیْبِ وَ لَمَّا یَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ. معنى آنست که: تا بیند اللَّه که پیغامهاى او بر امّت رسانیدند. و قیل: لیعلم محمد ان قد ابلغوا تا محمد بداند که ایشان که پیغام رسانیدند. از خداوند او رسانیدند. و قیل: لیعلم الشّیطان أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ تا شیطان بداند که فریشتگان پیغام اللَّه رسانیدند و سخن او نرسانیدند، یعقوب «لیعلم» بضمّ یا خواند، اى لیعلم النّاس، تا مردمان را آگاه کنند که فریشتگان پیغام اللَّه رسانیدند. وَ أَحاطَ بِما لَدَیْهِمْ اى و علم اللَّه ما عند الرّسل فلم یخف علیه شىء. وَ أَحْصى کُلَّ شَیْءٍ عَدَداً. قال ابن عباس: احصى ما خلق و عرف عدد ما خلق، لم یفته علم شىء حتّى مثاقیل الدّرّ و الخردل و نصب عددا على الحال و ان شئت على المصدر، اى عدّ عددا.